الخميس، 29 أكتوبر 2015



ليديا بارود

تعلّمت فنون الرّسم على ذاتها لتشكّل جمال طبيعة وطنها لبنان

بقلم: حسين أحمد سليم

ليديا بارود، إبنة بلدة جعيتا من قضاء كسروان في جبل لبنان، المولودة في الأوّل من شهر تشرين الثّاني من العام 1963 للميلاد، تسكن بلدة غدير جونية... شُغفت بالرّسم و التّصوير و هي طفلة صغيرة، و ولدت موهبتها الأولى و هي على مقاعد الدّاراسة في صفوف المرحلة الإبتدائيّة، و تنامت معها موهبة الرّسم و هي في مدرسة العازاريّة للرّاهبات، و حملتها في ذاتيّتها و هي تستكمل دراستها الثّانويّة في معهد اللويزة بذوق مصبح، لتكبر معها و هي تستكمل دراستها العليا حضورا في رحاب معهد الفنون في الجامعة اللبنانيّة...

منذ البدء كانت تنتهز كلّ الفرص المواتية لها لتستفيد منها في ترجمة مشاعرها الفنّيّة، بمغامرات تبلورت بظهور بداياتها في البعض منها، بحيث كانت طاولتها المدرسيّة شاهد على رسوماتها الأولى و هي على مقاعد الدّراسة في مرحلتها الأولى، و ما زالت تحتفظ بالعديد من صور لوحاتها على القصاصات الورقيّة المختلفة...

كثّفت دراستها الفرديّة على ذاتها، معتمدة على قدرتها الإستيعابيّة، من خلال إطّلاعها على ما تيسّر لها من كتب فنّيّة لتعليم أصول و أساسيات الرّسم و التّصوير، بحيث إشتغلت على تجاربها الفنّيّة و تقنيّاتها مدة مديدة من السّنوات تجاوزت الثّلاثين سنة، لتتوّج مسيرتها الفنّيّة ببعض تجارب فنّيّة إنطباعيّة عديدة، و خوضها بعض الأساليب منها، و صولا لرسوّ سفينتها الفنّيّة عند الشّواطيء اللبنانيّة، لترود الواقعيّة بالأسلوب الكلاسّيكي في تشكيل اللوحة الفنّيّة، متنقّلة بموضوعات تشكيلاتها في رحاب طبيعة لبنان الرّائعة و المشهديّات الجماليّة السّاحرة، بحيث إلهامها ترجم شعورها و كيانها و رؤاها...

وزّعت ليديا إميل بارود مواضيع لوحاتها الزّاهية الألوان على بعض الأمكنة اللبنانيّة، لتتجلّى و ارفة في وفائها و إخلاصها للأرض التي ترعرعت فوق ترابها و لعبت بين أشجارها و على روابيها في نواحي جغرافيّة عديدة من وطنها لبنان... فكانت لوحة تراثيّة تجسّد جماليّة بيت قرميدي حجري قديم في بلدة دوما، و لوحة في مشهديّة جميلة لبيت قديم في بلدة تنّورين، و لوحة تبرز المعالم الجماليّة لبيت في بلدة بعقلين، و جسّدت مشهديّة من مشهديات نهر الكلب بلوحة لافتة، لتنتقل إلى جمال طبيعة بلدة بعبدات ترسمها في لوحة لبيت تراثي قديم، و هكذا ولجت معالم الطّبيعة الخلاّبة في إهدن فكانت لوحة لافتة، و لم تغفل عن طبيعة بلدة ميروبا فرسمت بيتا تراثيّا قديما من بيوتها، و هو ما طبّقته في بلدة بسكنتا بمشهديّة على نفس الطّراز، و حملت كينونتها الفنّيّة لتزدان بجماليات و مشهديات البقاع الغربي، و تنتقل لتجسيد جسر في البترون بلوحة جميلة، هذا عدا عن مشهدياتها اوروديّة، و اللقطات من جهات و أمكنة لبنانيّة لافتة في فصول متعدّدة، لبلدة جونية و المرفأ من الجبال، و محميّة الأرز، و نوافذ و أبواب تراثيّة قديمة، إلى تجسيد بعض الفلكلوريات اللبنانيّة و إبراز العادات و التّقاليد و اللقاءات و السّهرات القرويّة...

إستخدمت ليديا إميل بارود الألوان الزّيتيّة في رسوماتها الأخيرة عاكسة من خلالها جماليات مشهديات لبنان... عارضة لوحاتها بمواضيع مختلفة في أكثر من صالة، بحيث بيع عددا منها من جهات مختلفة محبّة لأسلوبها و مواضيعها...

شاركت في العديد من الملتقيات الفنّيّة المشتركة في نواح عدّة من لبنان، و ساهمت في معارض جماعيّة عديدة، كان أبرزها، معرض سوق الذّوق و معرض "حديقة الفنون" في بلدة بلّونة و لسنوات خمس متتالية، و لوحاتها تتماهى جمالا على جدران عدّة صالات فنّيّة...

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015


ماري حدّاد

(1895 – 1973 )

بقلم: حسين أحمد سليم

أديبة كبيرة و فنّانة معروفة في زمانها، رئيسة نقابة الفنّانين سابقا، زاوجت بين قلمها و ريشتها بجرأة المرأة اللبنانيّة الواثقة من نفسها، فأبدعت كتابة و رسما و مواقف جريئة مشهودة لها، نالت شهرة واسعة في مجالاتها و مؤلّفاتها، و تقاسمت مدينتيّ باريس و بيروت تكريسها الأدبي و الفنّي...

ماري حدّاد من مواليد مدينة بيروت في العام 1895 للميلاد و هي شقيقة السّيّدة لور حدّاد زوجة بشارة الخوري رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة الرّاحل، و الذي كان بينها و بينه سجالات كثيرة و تحدّيات معروفة، من جرّاء إحتضانها سليم موسى العشّي، المعروف بالدّكتور داهش، و الذي ترجمت بعض كتبه للإفرنسيّة، "عشتروت و أدونيس، مزكّرات دينار، معجزات الدّكتور داهش و وحدة الأديان"...

منذ العام 1932 للميلاد، إنتقلت و إستقبلت بحماس شديد في الأوساط الأدبيّة و الفنّيّة الباريسيّة بفرنسا، و عرفت شهرة واسعة في مدينة باريس منذ العام 1933 للميلاد...

حصلت الحكومة الفرنسيّة على لوحة شهيرة لها تّمثّل إمرأة ريفيّة لبنانيّة، و ضمّتها إلى مجموعة متحف ألــ "جو دو بوم". JEU DE PAUME”  " العريق، إضافة إلى لوحة "الجبلي اللبناني"... و من حينها عظمت شهرتها إلى أن ظهر إسمها في قاموس البنيزيت. BENEZIT ...

أشاد بها النّاقد العالمي لويس فوكسل LOUIS VAUXCELLES ...

شاركت و عرضت أعمالها في معارض الخريف في باريس حتّى العام 1937 للميلاد...

شاركت في المعرض العالمي في نيويورك عام 1939 للميلاد...

شاركت في المعرض الدّولي في كليفلاند – أوهايو – عام 1941 للميلاد...

و في متحف جامعة هارفارد في العام ذاته 1941 للميلاد...

شغلت ماري حدّاد بلوحاتها المميّزة و مشهديّاتها المُعبّرة عالم الغرب، فغدت في نظر روّاد حضارة الغرب رمزا لحضارة الشّرق... بحيث أنّ لوحاتها تتجلّى في رسومات صورها و لقطاتها و مشهديّاتها، جماليات المناطق اللبنانيّة المشرقة تحت سماء زرقاء و التي لها ترفل العين الباصرة، و في بعضها جسّدت نواح من معالم الجبال الجرداء، ذات المنحدرات الوعرة بشعابها الملتوية و الكثيرة الحصى، لتبرز في بعضها الآخر مسحات من سحر الغابات المليئة اللبنانيّة، على قلّتها، بأشجار الصّنوبر العالية و السّندروس و أشجار الأرز اللبناني المعمّر العظيم و الجليل، و التي جذبت إليها السّوّاح من حدب و صوب، و تغنّى بها شعراء في قصائدهم و دوّنها كتّاب في نثائرهم و نسج حكاياتها قاصّون في رواياتهم و صوّرتها ريش و ألوان الكثير من الفنّانين اللبنانيين و غيرهم في لوحاتهم و مشهديّاتهم...

الفنّانة التّشكيليّة ماري حدّاد تحملنا برهافة إحاسيسها الفنّيّة و ثقابة نظرتها إلى أرحبة الطّبيعة و مهارة ألوانها، لترود بنا على صهوات المتعة البصريّة عبر إمتدادات الحقول المزدانة بالعرعر و الأصف و الرّافلة بأشجار الرّمّان، ترتحل بنا على أجنحة الجمال اللبناني إلى بلدة عشقوت في جبل لبنان و بلدة ماكين، لتعود بنا تشاغفا إلى شوارع أسواق مدينة بيروت القديمة، ساعية بلمساتها الفنّيّة الحانية، في معظم لوحاتها، لتدخل إلى أعماقنا بحنكتها و تقنيّاتها الفنّيّة، طراوة و لطافة و دغدغات و إنتعاش أنسام لبنان...

المتتبّع لنتاجات الفنّانة التّشكيليّة ماري حدّاد، يتلمّس بشفافيّة نظراته و تحليل بصيرته، مدى التّاثّر النّفسي، الذي تتركه صور لوحاتها و هي تحمل في الكثير منها وجوها لبنانيّة من مختلف الطّبقات، إختارت منها نماذج من الجبليين ذوي الجباه العريضة و العيون العنيدة و النّظرات الشّرسة و التي فيها بريق قاتم، إضافة لوجوه الفلاّحين اللبنانيين ذوي البشرة الكامدة و على رأسهم الطّربوش، و كذلك رسمت بميزة فائقة الجمال، و جوه البدويات ذوات الجبهات الظّاهرة الموشومة بالأزرق و التي تلفّها العمّة النّسائيّة الرّيفيّة، هذا إضافة لرسمها لوجوه الحورانيات الشّبّات البشوشات ذوات الوجوه السّمراء المُدوّرة، اتي تتجلّى فيهنّ عظمة الإبداع... و في مجموعتها التّراثيّة التي يحتفظ بها ورثتها إيليّا و هادي حجّار، هناك عدد من اللوحات التي تتعلّق برسم الغلمان ذوي الصّدور البرونزيّة و العيون المخمليّة، الذين تضجّ الحياة بهم، من خلال نظراتهم التي ترسم أكثر من سؤال... ناهيك عن لوحات متنوّعة و مختلفة، رسمتها على مراحل و عبر حقبات، تعكس مدى ما تكتنز به الفنّانة الأديبة ماري حدّاد، من ثقافة واسعة و وعي باطنيّ و عرفان ذاتيّ و حضور قويّ، رغم مرور الأيّام على رحيلها...

أواسط السبعينات من القرن السّالف، حالفني الحظّ و تعرّفت لحفيدها إيليّا حجّار صاحب دار النّسر المحلّق و مجلّة بروق و رعود... و واكبني لزيارة بيتها "القصر الصّغير" في شارع سبيرز الذي كان متحفا يضمّ جميع لوحاتها التي تتماهى على جدران الغرف، و بعدها بقليل كان لي حظّ مضاعف بحيث إصطحبني قريب لي لحضور ذكرى سنويّة فقمنا بزيارة بيت حفيدها إيليّا حجّار، على بعد عشرات الأمتار عن القصر الصغير و في نفس الشّارع سبيرز، حيث أخذت وقتي لأمتّع بصري و بصيرتي بلوحاتها الكثيرة المُعلّقة على الجدران و الذي تمتليء بها صالة واسعة، بحيث رأيت بأمّ عيني موسقات الألوان فوق خامات اللوحات التي تتجسّد في كلّ منها شخصيّة الكاتبة الأديبة و الفنّانة ماري حدّاد...  

ماري حدّاد المولودة في رحاب مدينة مهد الحضارات بيروت، تحملنا من خلال مكوّنات لوحاتها إلى ريادة العالم المليء بالأسرار، لترود بنا مطاوي الحقائق الخافيات خلف بهارج الظّاهرات...

   

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015




الفنانة التشكيلية كلود عبيد

 

بقلم: حسين أحمد سليم

 

كلود عبيد, كاتبة باحثة في تاريخ و تقنيّات الفنّ التّشكيلي، ناقدة بإبداع فنّي من أجل الإبداع في الفنّ، فنّانة تشكيليّة مُتجدّدة مع الإحتفاظ بأصالتها، و نقيبة الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين، جمعت ولها ثُلّة من الرّوّاد و المبدعين...

تتمتّع بشخصيّة نسائيّة مميّزة رُبّما قلّ نظيرها، تتمثّل بكينونة فكريّة و وجدانيّة ثريّة و غنية الثّقافة، تكتنز بخلاصة الأفكار المهمّة، همّها الأولويّ الذي تسعى له، حركة فعل الإبداع و الإتّقان  في العطاءات و المساهمات...

نجحت في مسيرتها الإنسانيّة و الإجتماعيّة إلى حدّ بعيد، و تخطّت في وعي جرأتها و دراية عرفانها، الكثير من المفاهيم التّقليديّة و الموروثة في المجتمع المعاش، و أثبتت في حركة يوميّاتها و علاقاتها و ممارساتها و تواصلها، أنّ المرأة التي أبدع الخالق في تكوينها، هي أمّ الحياة و نصف المجتمع، قادرة بوعيها الثّقافيّ و عرفانها الإنسانيّ على تشكيل مستقبلها بإمتياز...

من يُجالس كلود عبيد الإنسانة، تطمئنّ نفسه لها كمحدّثة لبقة، و كأنّه في حضور روحيّ تتجلّى في الصّور الأخرى... تتعامل مع الجميع وفق الأصول الإنسانيّة و الإجتماعيّة، ترتسم الإبتسامة اليانعة على محيّاها كلوحة فنّيّة تتماهى بإشراقتها، و تعرف بحدسها الباطنيّ و قراءاتها التفرّسيّة للآخر و إدراكها الفلسفيّ الرّوحيّ، كيف تتماشى خلقا رفيعا و مناقب عظيمة مع جليسها، و كيف تستدرج محدّثها منطقيّا ليتقبّل أفكارها بلباقة لافتة، و ينحاز إلى عالم ريشتها الفنّيّة و أطياف ألوانها و ما تنطوي عليه لوحاتها الفنّيّة...

أتت كلود عبيد من قلب الرّيف القروي الشّمالي اللبناني، العابق بطيب النّفس الإنسانيّة، تحمل كلّ السّمات السّامية في مطاويها، أتت بعنفوانها و إبائها من بلدة جبرايل المتربّعة بسكينتها في نطاق محافظة عكّار... تكاملت بقرينها محمّد عبيد و تزوّجت كما مثيلاتها و كوّنت أسرة من ولدين، و أعطت بيتها الأولويّة في الإهتمام... و من رحم مسؤوليّتها الأسرويّة التّكليفيّة، إنطلقت لتحقيق طموحاتها و ما يُراود وجدانها في المدى اللامتناهي، بأن تجعل عوالم الإنسانية بكاملها أسرة لها عن طريق ريادتها عالم الفنّ التّشكيلي و الكتابة الإبداعيّة الفنّيّة الأدبيّة البحثيّة الهادفة...

و منذ وعت نشأتها في مجتمعها، إختارت رفيقين لأيّامها يواكبانها في مساراتها, فكان القلم صديقها الأوفى في دفق محارفه و كلماته، و كانت قرينتها الرّيشة في بوح تشاغفها الفنّي، و قد بادلتهما الوفاء مودّة و رحمة فاعلة، فأحبّت كليهما حتّى حبّ العشق قداسة و عشق الحبّ طهارة... و غدت ترسم العالم من حولها بالرّيشة الحانية و موسقات الألوان، و ترسم هذا العالم عفقات كتابة بالكلمة و تجويد المحارف بمنظومة الأبجديّة... و في قناعتها و إطمئنانها ترى أنّ مدى تجويد و تقنيّة اللوحة لا يقلّ إتّساعًا و إهتماما عن مدى إنتقاء الكلمة الجميلة لتوصيف الجمال... و هي التي حباها الخالق مودّة و رحمة من لدنه بأهمّ وسيلتين للتّعبير عن مكنوناتها و رؤاها, و هي الطّامحة لأنّ تكون كلمتها قِوام لوحتها و لوحتها قِوام كلمتها...

في البدايات كانت تعتمد الألوان الدّاكنة في تشكيل و رسم لوحاتها لغاية في نفسها ترتاح لها و تطمئنّ، ثمّ تحوّلت مع حركات التّجريب الفنّي تشكيليّا إلى العمل بالألوان الزّاهيةّ التي تتكامل بألوان قوس الله في السّماء في يوم مشمس ماطر في نفس الحال... و ترى في الفنّ التّشكيلي كشفًا للواقع و معاناته الضّاغطة لأسباب شتّى، و محاولة تحسينه عبر إصلاح أشياء و تنظيم أشياء و إلغاء أشياء أخرى... و هي في مساراتها الفنّيّة لا تنتمي إلى مدرسة فنّيّة معيّنة, و إن نحت بأعمالها صوب التّجريد، و تنهل معطيات فنّها من مشهديّات بلادها و من ينابيع وطنها لبنان... معتبرة أنّ المشاهدات الطّبيعيّة و اللوحات التّكوينيّة عبر الفصول، تثري ثقافة الفنّان الطّامح للخلق و الإبداع، و المبدع تتعولم لوحته من خلال مقاربتها تراثه و تقاليده و خصوصيّته...

هذا و إستطاعت الفنّانة التّشكيليّة كلود عبيد بجدّها و نشاطها و مثابرتها فعل الجمع بين فنّ صياغة الكلمة و فنّ تجويد الرّسم، وهو ما يتلمّسه المتابع من خلال مؤلّفاتها مقارنة مع فنونها التّشكيليّة... بحيث تميّزت مسيرتها الفنّيّة بعدد من المعارض الفرديّة النّاجحة و التي نظّمتها عبر مراحل و مناسبات معيّنة، و أخرى جماعية شاركت فيها داخل لبنان و خارجه... و لفتت لوحاتها المتلقّين بتألّقها و فرادة نسجها التّشكيلي، و لاقت تهافتًا وإستحسانًا و تقديرًا من المتابعين و المهتمّين و النّقّاد الأخصّائيين...

مشهديّات لوحاتها تعكس بصماتها الفنّيّة تشكيلا و لونا، في تقنيّات تحمل سمتها وحدها، بحيث  يتلمّس المشاهد إمتزاج الألوان في لوحاتها مُشبّعة الإضاءة و الوضوح، عدا عن كونها متحابّة و متعاشقة في جواراتها لبعضها البعض... و في حركة لسبر أبعاد مكونّاتها و عناصرها، يرى الباحث أنّها متأنسنة بمسحات من الفرح، نابضة بنبل من الحبور و السّرور و الإطمئنان النّفسي، بحيث ترفل لها العين و هي تكتحل بهالات من أطياف ألوانها الإشراقيّة و هي شاخصة لها و بها... و الفنّانة كلود عبيد في نتاجاتها الفنّيّة التّشكيليّة، تسعى لتعيد نمنمت و تطريز نسائج مشهديّاتها في أنساق مبتكرة، تتماهى في المدى الفنّي برؤى الآمال المرتجاة، واعدة بآفاق ممتدّة في الوجدان الإنسانيّ، ترسم و تُشكّل مشاعر التّفاؤل بنبل و سموٍّ، لتتجلّى جماليّة الحياة في مراحل الإستمرار...

رفدت الفنّانة كلود عبيد الحضارة الثّقافيّة بباقة لافتة من نتاجاتها الفكريّ، تجسّدت بمجموعة من كتب أعطتها للمكتبة العربيّة و اللبنانيّة، إلى جانب عدد من البحوث و الدّراسات و المقالات و المقابلات والتّصريحات و المواقف، التي عالجت فيها مواضيع فنّيّة متعدّدة الجوانب، لها فاعليّتها في دعم ما تحتاجه الحركة النّهضويّة في تنميتها المستدامة على أكثر من صعيد فنّي تشكيلي و فكري... و منها: نقد الإبداع و إبداع النّقد, التّصوير و تجليّاته في التّراث الإسلامي، جماليّة الصّورة، جدليّة العلاقة بين الفنّ التّشكيلي و الشّعر... و قد إعتمدت في صياغة مؤلّفاتها على أسلوب أدبي له ميزته، يرفل بالجمال، و يضوع بمنطق فلسفيّ راقي، و يحمل القاريء على الغوص الإنسيابي في آفاق الفكر الحضاري الحيّ، و لها إصدارات أخرى في نفس السّياق...

مسيرتها عبر وجوديّتها و كينونتها النّاشطة، ترسم صيرورتها الزّاخرة بالعطاءات و المساهمات في رفد و دعم الفن التّشكيلي و الثّقافة العامّة و الفكر الحرّ المنعتق من القوالب التّقليديّة... بحيث كانت و ما زالت شخصيّة فاعلة في أكثر من تجمّع أهلي و فنّي و ثقافي و إجتماعي، فحملت مسؤوليّتها التّكليفيّة الوطنيّة أمانة مؤتمنة، كما أمانة تربية ولديها، و ساهمت عالميا في نشر الوجه الحضاري للبنان الوطن... بفعل إنتسابها إلى جمعيّة الحوار الوطني، و جمعية الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين للرّسم و النّحت، و إتّحاد الكتّاب اللبنانيين، و جمعية السكيزوفرينيا و الجمعيّة العالميّة للفنّ...

و بإنتخابها على رأس نقابة الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين، سعت ناشطة و جاهدة بإندفاع مميّز و حماسة مسؤولة و زخم مُبرمج و من موقعها التّكليفي، في بلورة و تظهير أفكارها بأبعاد وطنيّة و إنسانيّة تكامليّة، بين أهل الأدب و الفكر و الشّعر و الفنّ التّشكيلي... بحيث قامت بجهود حثيثة عزّزت من خلالها حضور نقابة الفنّانين التّشكيين اللبنانيين، و بذلت قصارى جهودها على إزدهارها و توسيع مساحة حضورها و شموليّتها لعناصر فنّيّة مهمّة... و إضافة لبرامج مهنيّة واعدة تسعى لتحقيقها، تسعى أيضا لتوسيع حجم المشاركة الفنّيّة إلى الدّرجة القصوى الممكنة بما يجعل النّقابة في مصافّ النّقابات الكبرى لذات الفعاليّة في لبنان و الخارج و تعنى بالتّعبير الفنّي التّشكيلي الحرّ و المنطقي الواقعي، الذي تتجلّى من خلاله حركة التّحوّلات السّياسيّة و الثّقافيّة و الإجتماعيّة و الإنسانيّة...

كلود عبيد الفنّانة التّشكيليّة اللبنانيّة و الكاتبة الباحثة في تقنيات الفنّ التّشكيلي، تركت لريشتها الحانية الشّعيرات، العازفة رؤوسها على أوتار الألوان، ترسم و تُشكّل نبل أحاسيسها و رهافة مشاعرها بمصداقيّة و حنان الأمومة... و ما فعل حركة الإبداع في كتاباتها و مؤلّفاتها، إلا حركة فعل تناغم لموسقات شعيرات ريشتها و ألوانها الزّاهية مع أبعاد رؤاها الفكريّة، بحيث غدا في وعيها الباطنيّ الآخر و في عرفان ذاتها المكنون، أن أرست بقناعاتها مباديء فلسفتها على قاعدة خصوصيّتها، و وسمتها بفرادتها، فتوّجت ريشتها قلم لوحتها، و توّجت قلمها ريشة لوحتها، و وسمت قلبها عقلنة متشاغفا مع حنين ريشتها، و قلبنت عقلها متفاعلا مع بوح قلمها...

الجمعة، 9 أكتوبر 2015


فنوني و رسوماتي مرآة نفسي

 

بقلم: حسين أحمد سليم

كاتب و رسّام عربي لبناني من بلاد بعلبك

 

وعيتُ الكثير منذ وعيت طفولتي بجماليّاتها و تحسّست كينونتي بوجوديّتها، و التي تجلّت عظمة الله في عظمة فرادة خلقها و صنعها و تشكيلها، و التي تراءت وحدانيّة الله في وحدانيّة عناصرها في تشكيل منمات بصماتها و سماتها و شبكاتها...

 

منذ تلك اللحظة الوامضة نورا و ضياء، و أنا أعيش في واقع الإنتعاش الفعلي بالروح لجسدي، جلاء سمعيّا و بصريّا و إحساسيّا و فكريّا و شعوريّا، و نطقا لسانيّا بمحارف منظومة أبجديّة الضّاد، و قلبنة في صدى الموسقات تملأ صدري بالرّحمة و المودّة، و عقلنة أولى في التّفكّر الذي يُهديني لحاجياتي دون مساعدة أحد...

 

و أنا أعيش روحيّتي في رحاب قريتي الرّيفيّة البقاعيّة البعلبكيّة، التي تتربّع هادئة في قلب شريط بلدات غربي مدينة الشّمس، و كأنّها نجمة الصّبح تتألّق في قلب الهلال الوامض رافلا باللون الفضّيّ و هو يسبح هائما مترنّما في عشقه و حبّه، يتماعى عنفوانا و كبرياء على صهوة طائر الحياة، ينتعش بجناحيه الخفّاقة بين تموّجات الأنسام المنسابة من البعد الآخر مع الخوافق...

 

وعيت بوعي طفولتي و معها بعض معالم خصوصيّة فردانيّتي الشّفيفة، و تلمّست بعض جوانب حميميّتي العاطفيّة، و رحتُ أمزج ببساطة بين شخصيّتي و رؤاي، لأصنع من ذاتيّتي كتلة من العنفوان البقاعي و الكبرياء البعلبكي، فجمحت منذ البدء نحو التّعبير الفطري الحرّ عن شخصيّتي الإنسانيّة، بنبل قرويّ في سيّالات مشاعري، و مصداقيّة خلق عظيم في ذبذبات أحاسيسي...

 

في تلك الحالة في غمار تلك الطّفولة في رحاب تلك القرية التي تحمل إسم شفيعها، و في تلك السّيمفونيات الأثيريّة من الحبّ الأقدس و العشق الأطهر، الكامن في خافيات طوايا الطّفولة، التي تحملني مودّة في العلاقات و أحملها رحمة في التّواصل، حيث كانت تتراءى لي في وجداني الخياليّ، هالات من أحلامي الورديّة، ترتسم بأشكال و ألوان أخرى لا عهد لي بها في واقعي المعاش، كانت تتشكّل كما يتجلّى قوس الله هالات طيف لزني سباعيّ في الأفق الماطر تحت أشعّة الشّمس...

 

هناك كانت تتوالد بعض الأفكار الفنّيّة و الفلسفيّة الأولى، تتفتّق من بعض القبسات التّجريديّة و السّورياليّة، ممّا يُراودني في البعد الممتدّ اللامتناهي، خارج حقائق  الكلاسّكيّة و سحر الإنطباعيّة... و التي كانت كأنّها الكوابيس بالنّسبة لأقراني الذين من نفس عمري، و لذين كانوا يُشاطرونني اللعب في أزقّة القرية و بين البيوت التّرابيّة، ذات الجدران البيضاء الطّرش بالتّراب الحوّاريّ، و أمام الأبواب العالية و تحت النّوافذ الزّرقاء اللون، و بين دوالي العنب وتحت فيء أشجار المشمش...

 

أقراني من صبيان و بنات كانوا يُشاركونني بغبطة و فرح و سرور و حبور، اللهو الأحبّ لي في الخربشات و البحبشات، بقطع عيدان قصيرة من أغصان أشجار المشمش أو الخوخ أو الإجاص أو من بقايا دوالي العنب اليابس... للتّزييح و الرّسم بها فوق التّراب في دروب و حواكير قريتنا، و في تشكيل الدّمى من نفس التّراب الممزوج ببعض الماء، ليصبح طينا لزجا كما الصّلصال، لأعيش واقع طفولتي ترجمة لأحلامي و آمالي و تطلّعاتي  الإفتراضيّة... بإنعكاس جليّ و أكثر واقعيّة و أكثر مصداقيّة مع نفسي الأمّارة بكلّ الأشياء، و لكي أكون في ديمومتي و صيرورتي، أكثر تواصليّا و تفاعليّا مع أقراني من كلا الجنسين، و كي أكون أقرب ما يُمكن لمحيطي و بيئتي...

 

جدران البيوت البيضاء لبيوت قريتي، كانت مسرح خربشاتي، و التي يُسمّونها اليوم عصرنة حداثة بالتّجريد، أُنفّذها ببقايا الأعواد المتفحّمة، و التي كنت أحصل عليها من بقايا الوقود البارد في قعر التّنّور القرويّ، الذي كانت تستخدمه نسوة قريتي لشواء رقائق العجين و نتاج الخبز من طحين القمح البلدي... و بعد كلّ جولة من الخربشات على جدران بيوت قريتي، كانت تتعالى أصوات النّساء و الرّجال في دروب و ساحة القرية لفعل خربشاتي باللون الأسود على الجدران البيضاء...

 

و جدران الغرف الزّاهية باللون السّماوي الفاتح المشرق في بيتنا، لم تكن أفضل حالا من صبيانيّاتي و شيطناتي... فكانت مسرحا آخر لممارسة مزاجيّاتي في تحقيق هواية خربشاتي الشّبيهة بخربشات الدّجاج و الدّيكة في تراب الأرض و هي تُنقّب عن الحبوب في التّراب لتقدها بمنقارها و تلتهمها... و رسوماتي هذه كنت أُنفّذها بأعواد الفحم ذاتها، و بمعزل عن أبصار و الدي و والدتي و جدّي و جدّتي، و بعد الإنتهاء من الخربشات، و يكتشفونها بعد فترة و جيزة، تبدأ حياكة الرّوايات و إبتكار الأساطير، و التّوكُّؤ على صنوف التّنجيم على ذِمّة هاروت و ماروت و شمشريخ و نوستر أداموس، و التي تنتهي بالتّعنيف و التّوبيخ و التّهديد و الحرمان و الوعود و الوعود المضادّة... و لكنّ حكاية إبريق الزّيت لم و لن و لاتنتهي مع كلّ يوم و لا مع كلّ جلسة توبيخ...

 

منذ البدء و وعي طفولتي و كينونتي، و خوضي في غمار الخربشات الأوّليّة، التي تفتّق عنها وجداني، بترجمة أناملي لها بأعواد الفحم، و بدء الرّسم البسيط على الجدران البيضاء للبيوت التّرابيّة في رحاب قريتي الرّيفيّة... كانت خربشاتي و رسوماتي و خطوطي و أشكالي، مغايرة و غريبة و عجيبة، و لا تُمتّ للواقع بشيء، لا من قريب و لا من بعيد... و كأنّني يوم وعيت طفولتي وُلِدَ معها وعيي في فنون الرّسم و التّشكيل على مذهب التّجريد و التّمويه و خلق الأشياء فلسفة جنونيّة و سورياليّة، كما يُسمّونها اليوم بمدارس الفنون التّشكيليّة... مدرسة التّجريد بكافّة أنماطه و مدرسة السّورياليّة بكافّة أساليبها... فكنت أرسم ما يشبه العصفور إنّما بلا ذيل أو بلا جناحين، و كنت أرسم ما يشبه البقرة إنّما بلا أذنين، و كنت أرسم ما يشبه المعزاة إنّما بلا قرون و بذيل طويل، و كنت أرسم ما يشبه الحمار إنّما بلا ذيل، و كنت أرسم ما يشبه الحصان إنّما بشعر جدّا طويل على رقبته، و بذنب قصير جدّا، و كنت أرسم الدّجاجة كما الدّيك و الدّيك كما الدّجاجة... و هكذا لبقيّة الحيوانات الدّاجنة الي كانت في تصرفّ جدّي و والدي في يوميّاتهم, و كانت الأشياء أرسمها كما يتراءى لي و ليس على حقيقتها، بحيث كان جدّي غالبا ما أسمعه يقول لزوّاره من أهل القرية، حفيدي هذا يركب طاخوخه شيطان شرس و عفريت من الجنّ...

 

و غالبا ما كان أبي و أمّي و جدّي و جدّتي، يقفون مني و من خربشاتي موقف الحيرة و الخوف و القلق... و أسمعهم يتوشوشون بينهم و يتّهمونني بأنّني شبه مُعاق، و عندي قصور في الوعي و العقل، و يوصمونني بالجنون، و أراهم يضرعون لله في خشوعيّاتهم و صلواتهم، كيّ يُشفيني من جنوني و فصامي النّفسي، و هكذا كان حال أهل القرية منّي، و الذين منعوا أولادهم من اللعب معي عندما إستفحلت بي حركات أفعال الخربشة في القرية... و عندها كان لا بُدّ من أبي و أمّي و جدّي و جدّتي، إلاّ أن يصطحبونني معهم لطبيب القرية العربي الرّوحاني، دوريّا، ليقرأ همروجة تعاويذه و هذيانه، و ينفخ في وجهي من شدق و باجوق جلحفته، و يمسح بكفّه الرّاجف على رأسي، و يُسقيني الماء بالقوّة من كوب قرأ عليه تمائمه، و أذاب فيه ورقة صغيرة كتب عليها بعض الطّلاسم... ثمّ أراه كان يكتب حروفا و كلمات، بمشق من القصب، أو بريشة معدنيّة يُغمّسها بدواة مليئة بالحبر الصّينيّ الأسود، أو بماء الزّعفران، و على جانب من التّقنيّة الحروفيّة الجميلة، و بعدها يطوي الورقة على شكل مربّع أو مثلّث و يُغلّفها بقطعة من القماش أو جلد الماعز، و يضعها بدبّوس في طرف قبّة قميصي، أو أنشوطة من القماش في رقبتي أو يحزم بها زندي أو ركبتي...

 

و لكثرة ما تردّدت مع أبويّ لطبيب القرية الرّوحاني، و مواكبتي لكتابته بالرّيشة و الحبر الأسود على الورق... لفت نظري لفنون الكتابة للأحرف العربيّة و كيفيّة توصيلها في الكلمة و ترك الفراغات بينها لإستكمال الجملة المفيدة، و كيفيّة رسم الأشكال و الرّموز كالمربّع و المثلّث و النّجمة و الدّائرة و الأشعّة و المضلّع... لينفتح أمام ذاكرة طفولتي بابا واسعا من الخوض بشكل أشدّ جنونا في تفعيل تجاربي في الخربشات بأشكال و ألوان جديدة و مستحدثة... و بالتّالي ملء جدران بيوت القرية بخربشاتي و رسوماتي بسرعة جنونيّة بين يوم و ليلة، ممّا أثار حنق أهالي القرية و كرههم لي بسبب خربشاتي على جدران بيوتهم...

 

و ما كادت الأمور تصل إلى هذا الحدّ من إمتعاض أهالي قريتي من خربشاتي على جدران بيوتهم، و تعاظم شكواهم لوالديّ... ممّا حدا بوالديّ لحملي قهرا و التّوجّه بي إلى ضاحية بيروت الجنوبيّة، و هناك كانت إقامتنا في غرفة صغيرة من الحجارة المصنوعة، و المبنيّة فوق يعضها البعض من دون مواد إسمنتيّة لاصقة و ماسكة و حتّى بدون أعمدة عند الزّوايا، نعيش فيها تحت سقف من ألواح الصّاج الرّقيق، نزداد صقيعا و بردا في الشّتاء، و نعاني حرّا و حرارة في الصّيف...

 

و هناك حيث سكنا أبي و أمّي بين أشجار النّخيل و الصّبّار و الزّنزلخت و المقسيس و الجمّيز و البرقروق البري، سعى أبي في عمل له في معمل لتذويب الحديد و إعادة تصنيعه، و إدخلني في مدرسة رغما عنّي، لأبدأ مرحلة جديدة من ممارسة الجنون في الخربشات و الرّسومات فوق أوراق كتبي و دفاتري و بقلم الرّصاص، مرحلة بعد مرحلة، فكانت تلك المراحل من بداياتي و مراحلي المدرسيّة، كان لها وقعها في توجيه شراعي، كما دفّة السّفينة، و التي حملتني فيما بعد قناعة، كي أمتطي أجنحة الرّسم الفنّي و الهندسي بداية ثمّ صهوات الفنون التّشكيليّة، إختصاصا و مهنة و تدريسا نظريّا و تطبيقيّا، و محاكاة و مواكبة لأحدث وسائل التّطبيقات للفنون التّشكيليّة، بدءا بأعواد الفحم فأقلام الرّصاص فأقلام الرّسم التّحبيريّة على أنواعها مرورا بكلّ أنواع الأدوات التّقليديّة و الورق المقوّى و الشّفّاف و رقائق ألواح الخشب و أنواع القماش الخام، وصولا إلى الحاسوب و البرمجيات الرّقميّة...

 

  

 

    

   

الفنّ التّشكيلي اللبناني

النّشأة و التّطوّر

 

بقلم: حسين أحمد سليم

كاتب و رسّام عربي لبناني

 

يعود تاريخ نشأة معالم الفنون التّشكيليّة اللبنانيّة الأولى و البدائيّة إلى حقب الماضي البعيد، حيث بدأت مع الإنسان الأوّل أينما سكن و في أيّ أرض تجوّل أو حطّ الرّحال و أقام و إستقرّ لحين... مارسها وفق إحتياجاته الحياتيّة ضمانا للإستمرار بداية، و إمتهنها وفق رؤاه و علاقاته مع أقرانه فيما بعد، ثمّ ترقّى حميميّة للتّعبير عن مشاعره و أحاسيسه فإعتمدها للتّرفيه و التّسلية و حركات الأفعال الإبداعيّة و الإبتكاريّة...

 

و تطوّرت تلك الفنون التّشكيليّة عبر مراحل الحقب التّاريخيّة، و برزت مع قيام الأمم و نشأة الحضارات التي سادت ردحا زمنيّا ثمّ بادت تاركة خلفها تراثيّاتها التي تدلّ عليها و منها الفنون التّشكيليّة... و دخلت لبنان أمم و حضارات عديدة و أقامت في ربوعه أو مرّت به لأماكن أخرى على ساحل البحر الأبيض المتوسّط أو أوغلت منه إلى العمق قاطعة الجبال و الأودية و السّهول و الأنهار، تاركة بصماتها في مجالات كثيرة تراثيّة و أثريّة و فنّيّة تشكيليّة...

 

معالم و مآثر و تراثيّات من بقايا آثار الأمم و الحضارات، ما زالت قائمة في أماكنها فوق إمتدادات الأراضي اللبنانيّة، و ما زالت صامدة في وجه التّحوّلات الطّبيعيّة، و ظاهرة للعيان في العديد من المدن و البلدات و القرى، المنتشرة ساحلا و جبلا و بقاعا، شمالا و وسطا و جنوبا, تعكس المستوى الرّاقي و الحضاري الذي كانت عليه تلك الأمم و تلك الحضارات من رسوم و نقوش و تشكيل و أنصاب تتماهى على الجدران و الأعمدة و في الأرض على بلاطات من صخر...

 

بقايا آثار مدينة بعلبك، و معالم القرى الممتدّة من الهرمل شمالا  إلى حاصبيّا جنوبا في سهل البقاع، بلدات تُعرف بما فيها من بقايا آثار و معالم: إيعات بعامودها، شليفا بقصر بناتها، حدث بعلبك بمعبدها الرّوماني أبّولون، قصرنبا ببقايا قلعتها، تمنين بمعبدها الرّوماني الكركلّي، و بقايا آثار عنجر شرقي مدينة زحلة، و كرك نوح، و قبّ إلياس، و حاصبيّا و بلدات في البقاع الغربي، و آثار مدينة طرابلس و البلدات المحيطة بها و مناطق عكّار، و آثار مدينة جبيل و بلداتها، آثار مدينة بيروت العاصمة اللبنانيّة، بقايا آثار في منطقة بعبدا و عاليه و برج البراجنة بقلعة شعبانة، و بعقلين و المختارة و كفرحيم، و آثار مدينة صيدا بحرا و برّا، آثار مدينة صور، و أيقونات قانا الجليل في الجنوب اللبناني، و العديد من المعابد و المزارات و المعالم الدّينيّة، في بلدة شمع و الشّرقيّة و في الكثير من البلدات و القرى اللبنانيّة...

 

حركة فعل الدّرس و التّمحيص و التّعمّق في ما تبقّى من جداريات منتشرة في أماكن مقدّسة لبنانيّة، تشير إلى أنّ النّشأة شبه الفعليّة للفنون التّشكيليّة اللبنانيّة، قد بدأت مجدّدا في أواسط القرن الخامس عشر مع جبرائيل القلاعي اللحفدي، و عمليّة التّأثّر بالفنون الأوربّيّة الإيطاليّة و الغربيّة عامّة... لتنشط في أواسط  القرن السّادس عشر الميلادي، من جهة توثيقيّة تاريخيّة، و برزت على يد الشّدياق إلياس الحصروني، و هذا دلالة كافية لتثبيت أنّ حركة فعل التّصوير و الرّسم و النّحت و فنون الجداريات كانت سائدة و مألوفة في بعض الأماكن اللبنانيّة المأهولة و سابقة لهذا التّاريخ...  

 

مع حلول القرن السّابع عشر الميلادي، نشطت حركة الفنون التّشكيليّة في جبل لبنان على أيدي رهبان و فنّانين، مارسوا الفنون التّصويريّة و إشتغلوا بالفنون التّزينيّة، و نذكر منهم يوسف الباني و عبد الله زاخر... و في عهد الحكم المعني في لبنان بدأ الإنفتاح على أوروبّا، و بدا في إقامة قصر على الطّراز الفينيقي في بيروت على يد معماريين توسكانيين لفخر الدّين المعني... و في عهد الشّهابيين تمّ إستدعاء رسّام إيطالي الذي كان الفنّان الرّسمي لأمراء آل شهاب... و على يد الرّسّام الإيطالي هذا تتلمذ أوّل المصوّرين اللبنانيين و منهم كنعان ديب في أواخر القرن التّاسع عشر، حيث نشط في رسم اللوحات الكنسيّة و بعض الصّور الشّخصيّة...

 

المقدّمات الأوّليّة للنّهضة الفنّيّة التّشكيليّة تمّت ولادتها في أواخر القرن الثّامن عشر من جرّاء إحتكاك حضارة الشّرق بحضارة الغرب، و برزت جليّة من خلال مجموعة من الفنّانين اللبنانيين الذين مارسوا الفنّ التّشكيلي و درسوه بأنفسهم و إتّقنون بالتّجارب، و من خلال محاكاة و وحي ما إحتكّوا به من الصّور و اللوحات المستوردة من الغرب الأوروبّي، و في البعد الآخر لعبت السّواحل و الجبال و السّهول اللبنانيّة دورها الإيحائي، فكانت الطّبيعة الجماليّة اللبنانيّة معينهم الموحي للخلق و الإبداع و الإبتكار و رسم و تشكيل المشهديّات السّاحرة...

 

تمخّض القرن الثّامن عشر الميلادي في لبنان عن عدد من المصوّرين و الفنّانين التّشكيليين الذين برزوا في أعمالهم و نتاجاتهم الفنّيّة، فمنهم من حالفهم الحظّ و حفظوا تاريخهم الفنّي بالتّوثيق و التّدوين فوصل إلينا، و آخرون لم يُؤرّخ لهم و دُفنت أعمالهم معهم و غدت مجهولة في عالم آخر، و السّبب هو النّقص التّدويني على مستوى التّراجم و الأسماء في القرن الثّامن عشر و ما قبله...

 

و نذكر على سبيل المثال لا الحصر بعض أبرز الأسماء التي تركت أعمالا في القرن الثّامن عشر و منهم: فرنسيس الكفاعي، إبراهيم كرباج، بطرس قبرص، أسطفان ضوّ، يوحنّا الأرمني، نسطور مدلج، منصور كامل، يوسف صقر، موسى ديب... و آخرون لم نهتدِ لهم و لأعمالهم بسبب الضّياع و التّلف...

 

نشطت حركة الرّوابط بين لبنان و الغرب الأوروبّي، و قدِم إلى لبنان العديد من الفنّانين التّشكيليين المستشرقين، و منهم الإستشراقي البريطاني بارتلت الذي قام برسم و تصوير و تشكيل معالم و مشهديّات السّاحل اللبناني... فتبلورت معالم الفنّ التّشكيلي اللبناني في أرحبة سنوات القرن التّاسع عشر الميلادي عند رعيل من الفنّانين التّشكيليين و الرّسّامين اللبنانيين، الذين درسوا فنون التّصوير و مباديء الرّسم و التّشكيل التّخطيطي لأسباب هندسيّة طوبوغرافيّة شاملة و تفصيليّة، بهدف إسداء خدمات معيّنة بحركة فعل الإستطلاع الميداني للجهات الرّسميّة... و قد تحوّل الكثير منهم، فردانيّة حميميّة للتّعبير الأصدق عن مشاعرهم و أحسيسهم، إلى ممارسة فعل التّصوير المشهدي و البّانورامي و الرّسم الفنّي و الهندسي و التّشكيل الخشبي و المعدني و الصّخري، كفنّانين رفلت أعينهم لجمال و سحر الطّبيعة اللبنانيّة من جهة و من جهة أخرى المساهمة في تأريخ أبرز الأحداث التي حفل بها الواقع اللبناني السّاحلي في ذلك الزّمن... و هو ما أعطى نتاجهم الفنّي و التّشكيلي سمة مدرسة المشهد البحري في لبنان, متأثّرين بالمدرسة الإستشراقيّة في أواخر القرن التّاسع عشر الميلادي و التي تمثّلت بالفنّان التّشكيلي الإستشراقي البريطاني في العام 1834 للميلاد الذي أقام في مدينة بيروت...

 

حفل القرن التّاسع عشر الميلادي في لبنان بحركة فنّيّة تشكيليّة ناشطة، برز فيها العديد من أسماء الفنّانين التّشكيليين اللبنانيين في تلك المرحلة، و نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: كنعان ديب، عبده بطرس المصوّر، شكري المصوّر، إبراهيم سربيه، نجيب قيقانو، نجيب يوسف شكري، إبراهيم نجّار، حسن التّنّير، نجيب بخعازي، رئيف شدودي، علي الجمّال، نجيب فيّاض، عبد الله مطر، سعيد مرعي، سليم حدّاد و فنّان من آل دمشقيّة، هذا إضافة للعديد من الذين عاشوا و أنتجوا أعمالا فنّيّة تشكيليّة مميّزة و لكنّهم ما زالوا في خافيات الظّلّ و بقيت أعمالهم مجهولة نتيجة عدم حفظ تراثهم توثيقيّا و بالتّالي التّلف و الضّياع و النّسيان...

 

إذن نستطيع ممّا أدرجناه أعلاه إستنتاج خلاصة القول الأرجح، أنّ معالم المرحلة الأولى لإنطلاقة الفنون التّشكيليّة اللبنانيّة الفعليّة و التي عُرفت توثيقيّا، كانت ما بين أواسط القرن التّاسع عشر الميلادي و الرّبع الأوّل من القرن العشرين الميلادي، و فيها برزت الصّور و الرّسوم الكنسيّة و التّشكيلات و البورتريهات و الأيقونات و المواضيع الفولكلوريّة و القرويّة و الرّيفيّة... و يُعتبر منتصف القرن التّاسع عشر بدء ولادة النّهضة للفنّ التّشكيلي اللبناني و التي أتت ولادتها من رحم سلسلة نشاطات فنّيّة سابقة و إن حملت الطّابع الفردي في مرحليّتها الزّمنيّة...

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

الجمعة، 2 أكتوبر 2015


من أبجديّتنا المحكيّة

بقلم: حسين أحمد سليم

أُبّاهِيَّةْ: من الأبّهة في المظهر و الأداء، و تعني الغطرسة و العنجهيّة، و غالبا ما تستخدم كتوصيف للمتنافخ و المغرور.

آدمي: و هي توصيف للرّجل القويم و المستقيم صاحب المناقب العالية، و تعني المحترم و الفاضل و الشّريف.

أُرطة: و هي للجماعة و الرّهط و تستخدم في العامّيّة المحكيّة بمعنى التّحقير لجماعة من رعاع النّاس يتّفقون في المزاج و الطّبع و الذّوق.

أُسطة: و هي صفة للطّاهي الخبير في مهنته، و يتمّ تداولها كتوصيف عام لكلّ حاذق في حرفة معيّنة أو بارع في صنعته.

أندبوري: تُطلق عل المسكين، فقير الحال، المُتشرّد.

أونطة: كلمة شائعة الإستخدام في العامّيّة، تُردّد لإظهار الغنج. و تعني الدّلال و الغنج.

بال: تعني العقل و الخاطر و الوجدان.

بّاظ: توصيف للمتزعّم في مجتمعه أو عشيرته أو حيث يسكن، و هو الذي يفرض إرادته على من هم دونه.

بجّ: كلمة متداولة شعبيّا، و تعني أنّ الماء غاض في الأرض، أيّ إمتصّته الأرض... و ظهر في مكان آخر، و إنبجّ، إنشقّ.

بجبج: مُشتقّة من كلمة بجّ، و تعني التّورّم و الإنتفاخ في الجسد، و يتم توصيف الأرض بها إذا صارت رخوة من دخول الماء الكثير فيها.

باجوق: كلمة تعني الصّوت العالي، الصّخّاب المزعج، و يستعملها العامّة إحتقارا و إزدراءً في توصيف الفم الكبير.  

بَجَمَةْ: جمعها بجم، و تعني المُغفّل، ضعيف العقل، الأبله. يستخدمها العامّة تحقيرا في التّوصيف لبعض البسطاء و الفقرا.

بّحَّر: تعني فحص الشّيء بدقّة و تفهّم، و سبر كنه الموضوع ليستجلي خفاياه، و فكّر مليّا في الموضوع الذي بين يديه.

بحْلق: فصيح الكلمة، حملق، و قد يلفظها البعض بكلمة، حبلق، و تعني حدّق النّظر، أيّ تطلّع و عيونه جاحظة.

بحْوش: و تعني نكت و حفر و نقّب في الأرض، و غالبا ما تُستخدم من قبل البعض، بما تفيد الشّدّة في العمل.

بِحْواش: أو مِحْواش أو مِحكاش، و هي خشبة أو حديدة بطول لا يتعدّى المتر و النّصف، تُستخدم لِتحريك النّار في الموقد، أو لتقليب الجمر في قعر التّنّور.

بخْبخ: من بخّ و تعني رشّ و فصيحها بغش. رشّ الماء بنذر يسير، و يُقال للسّماء إذا أرسلت الرّذاذ الخفيف من المطر. و يُقال للشّي: تبخْبخ، أيّ أصابه المطر أو تبلّل بالماء، و البخبوخة تعني المطرة الخفيفة.

بخْشش: أعطى الشّيء من دون مقابل، يعني: تكرّم به مجّانا. و البخشيش هو عطيّة مجّانيّة، يُقال عنها: إكراميّة.

بخع: كلمة فصيحها بكع. و تعني: إنتهر الشّخص، و زجره، و أهانه. و إنبخع الشّخص، أيّ تمّت إهانته، و هو مبخوع.

بخْنوقة: من بخنق، كلمة تعني: قطعة من القماش تُعصّب المرأة بها رأسها، و قد تكون رباط يُربط به العنق.

بذْرق: أو بدرق، كما يلفظها البعض محلّيّا، و تعني: أنفق بإسراف و دون تفكّر، و بذّر في المال الذي بحوذته.

برْبس: يُقابلها في الفصيح كلمة تبزْعر: و هي تعني ضاق صدرًا و تأفّف و تذمّر و تبرّم. و راح يُتمتم كلاما بصوت خافت.

برْبع: الخائف و المُروّع من شيء ما، و هو من أخذته الرّعدة و الرّعشة، فتبربع و خاف، و وقف موقف الخائف المُردّد، و المبربع هو الخائف.

برْبك: أي ثرثر و هذر، كثير الكلام المؤذي، و الأمور أفسدها بكثرة ثرثرته. و البرباك هو الثّرثار، المحتال الذي لا يُدرك محاذر ثرثرته.

برْحش: نكث في الأرض و حفر في ترابها، و نقّب في الأرض. و تستخدم للدّجاجة، تُفتّش عن طعام لها في الأرض. و البرحوشة، مكان للدّجاج تُبرحش به، و للصّغار يلعبون فيه بالتّراب.

برْزق: حدّق بقوّة و حدّد النّظر في الشّيء، و تطلّع بعين جاحظة. و تُستخدم عند البعض للتّعجّب و التّساؤل.

برْطش: مُشتقّة من كلمة برطوشة، و تعني كلمة البرطوشة، الحذاء القديم البالي، و الفصيح برقوشة.

برْطع: من مصدر برطعة، و تعني: للحصان، بطر و قفز في الهواء، و للإنسان: طفر و طاش و خفّ، و إنتشى و عبث. فهو مُبرطع.

برْطل: مصدرها كلمة البرطلة، و تعني رشا، و البرطيل هو ما يُدفع كرشوة، لإنجاز عمل بغير وجه حقّ أو بإغتصاب الوقت و تسريع التّنفيذ. و برطيل العروس، هو ما يدفعه العريس لأبيها في بعض المجتمعات المُتخلّفة.

برْطم: حنق و غضب، و العامّة تقول: قلب شفافه, و البرطمة هي الزّعل و الغضب. و البراطيم هي الشّفاه الغليظة، و فصيحها برطام أو بُراطم.

برْعط: تعني لعب بالماء، و أكثر من الحركة البهلوانيّة، و مارس فعل الشّيطنة و الخفّة و الطّيش، و المصدر برعطة.

برْغت: كلمة تعود في مصدرها لكلمة برغتة، و برغته، أيّ أخافه و أوقع الشّكّ و الرّيبة فيه. و تبرغت: خاف و شكّ و أظهر الرّيبة.

برْقح: كما كلمة برقع، تحملان نفس المعنى، و المعنى: لوّث و لطّخ، أيّ ترك في الشّيء بُقعا و بقّح. و يُقال ثوب مُبرقح، فيه بقع و لُطخ و بُقح.

برْقط: من رقط أو أرقط أو رقطاء. و تعني لمع و صقل و برق. و للوجه: ظهر عليه الفرح و السّرور و الحبور. و المُبرقط الفرِح. و تبرقط: لمع و تكحّل.

برْنق: برق، و إبرنشق، أي لمع و أضاء، و الوجه ظهر عليه الفرح و الحبور، فهو مُبرنق. و الكلمة كما كلمة برْقط.

بْرِنْجي: ممتاز، حسنٌ جدّا، أو جيّد جدّا. و تُستخدم للتّزكية لشيء تمّ فعله بتقنيّة عالية، و قد يستخدمها البعض للسّخرية.

بزم: فصيح الكلمة نبس أو زجم، و غالبا ما تستخدم في حالات النّفي، بمعنى: ما بزم بزمة، أيّ لم يتكلّم بكلمة و احدة.

بزونك: تعني سافل، رديء الأخلاق.

بشْبش: مصدر الكلمة بشبشة، و تعني: تنسّم الأخبار، و تدخّل في الأمور مُتطفّلا، ليطّلع عليها و ينقلها. و يُنعت بالجاسوس أحيانا.

بشْلل: من كلمة بشلولة، أيّ من يرتبك كثيرا، و لا يعرف ماذا يريد، أو ما يصنع أمام أمر ما مُباغت. و تبشلل، تعني وقع في الإرتباك و الفوضى، فربك و إختلط الأمر عليه.

بشْنق: من بشنوقة، و هي على غرار البخنوقة، غطاء يُلفّ به الرّأس، تلبسه الفلاّحات و أهل القرى من النّساء، و كذلك تُطلق على الرّجال الذين يلبسون الكوفيّة على رؤوسهم من دون عقال. و الجمع بشانيق.

بطْبط: تُقال لمن هزل جسمه بعد سمن، فهو مُبطبط. و إذا الشّيء صار رخوا فضفاضًا. و صوت القارورة إذا غُمّست في الماء فخرج منها الهواء منتجا الفقاقيع. و المعدة إذا قرقعت من تخمة الطّعام فيها.

بطْرخ: مصدر الكلمة بطرخة، و تعني: هزال الجسم و ضعفه و شحوب لون الوجه. و  تُستعمل للثّمر: أيّ إصفرّ و فدّ.